أخبار عاجلة

لماذا «وتد»؟

هذا هو العدد الأول من مجلة “وتد”، والتي أصدرناها كمشروع تخرجنا في قسم الصحافة بالمعهد الدولي العالي للإعلام – أكاديمية الشروق. جاءت المجلة ثمرة سنوات من الدراسة الموجهة بالشغف والبحث والتدريب والتعلم، لنصل إلى هذه اللحظة التي نقدم فيها بين أيديكم إصدارا نحاول من خلاله أن نربط الحاضر بالماضي، ونوثّق ملامح الهوية الشعبية التي تتسرّب من بين أيدينا دون أن نشعر.

“وتد” ليست مجرد اسم، بل رمز. فالوتد في ثقافتنا الشعبية هو الثبات، الجذر، والركيزة التي تسند إليها الخيمة، وهو ما نطمح إليه من خلال هذه المجلة: أن نكون وتدًا للتراث الشعبي، نسنده بالكلمة والصورة، ونمنحه مكانه الذي يستحقه في ذاكرة الأجيال الجديدة.

من قلب الموال، ومن بين زخارف الأقمشة، ومن نغمة الربابة، ومن الحارة التي ما زالت تطهو على الطين، انطلقت فكرة “وتد”. نحاول من خلالها أن نفتح نافذة صحفية على عالم واسع من الحكايات المنسية، والعادات المتوارثة، والحِرَف التي كانت يومًا عماد البيوت، قبل أن تحل محلها الآلة والسرعة والتكنولوجيا.

في هذا العدد نأخذكم في جولة بين الأسواق الشعبية، والمهن اليدوية، والاحتفالات، والأزياء، والموروثات اللفظية مثل الأمثال والحكايات. نلتقي بالحكّائين والحرفيين، نُصغي إلى أصوات من الماضي، ونسجّلها بلغة الحاضر، دون أن نُفرّغها من روحها أو نُجمّلها على حساب صدقها.

لقد تعلمنا في “وتد” كيف ندمج ما تلقيناه من علوم الصحافة – من تحرير، وتصوير، وتصميم، وتوثيق – مع وعينا الثقافي وهويتنا الشخصية. فخرج العدد الأول ليعكس مجهود فريق عمل آمن أن الفلكلور ليس مجرد ذكرى، بل طاقة حية يمكنها أن تلهم الفن، وتغذي الإعلام، وتُشكّل وعيًا جديدًا أكثر تجذرًا.

تسعى “وتد” لأن تكون مساحة صحفية تليق بتراث مصر الغني، وتنقله بأمانة إلى القارئ. ترصد ما يتعرض له من تهميش أو اندثار، وتضيء على النماذج التي ما زالت تقاوم النسيان. كما تحاول أن تعيد الاعتبار للفلكلور كقيمة ثقافية، ومصدر إلهام، وعنوان لهوية ممتدة، لا تُختصر في كتاب مدرسي أو مشهد احتفالي عابر.

نوجّه هذا الإصدار لكل من يؤمن بأهمية التراث، ولكل من حمل الحكاية في قلبه حتى لو لم يكتبها. نُهديه لكل الحرفيين الذين يصنعون الجمال من الطين والخوص واليد، لكل الجدّات اللاتي ما زلن يروين القصص قبل النوم، ولكل باحث وهاوٍ وعاشق للهوية المصرية.

“وتد” هو حلم بدأ بفكرة، وتجسّد بمجهود، وسيبقى ثابتًا ما دمنا نؤمن أن الماضي لا يُدفن، بل يُستعاد… ويكتب.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *